Monday 6 December 2010

زوجي أجمل رجل في العالم



لم أكن قد رأيتها منذ سنوات. كنا صديقتين مقربتين في المدرسة الثانوية، ثم تفرقنا في سنوات الجامعة دون أن تنقطع عني أخبارها. دعتني إلى حفل زفافها، لكنني لم أتمكن من حضوره لبعض الظروف. و بعد شهور عدة، شاءت الصدف أن نجتمع عند صديقة ثالثة، لنسترجع ذكريات كثيرة و نستفيض في تفاصيل ما جد في حياة كل منا. 

سألتها صاحبتنا في شيء من الفضول :
ـ حدثينا عن زوجك... كيف هو؟

ابتسمت في جذل قبل أن تقول في فخر :
ـ زوجي أجمل رجل في العالم.

ارتفع هتافنا في هرج أمام تصريحها، فاستدركت موضحة :

ـ قبل أن تشرعوا في التخيل و التصور، فإنني أخبركم بداية أنني لم أتزوج من ملك جمال العالم، أو من نجم سينمائي أو فني مشهور، و لا من عارض أزياء أو لاعب كرة قدم محترف. زوجي ليس أحد هؤلاء، و ليس أيضا من الشباب النرجسي الأنيق الذي تركض خلفه الفتيات في الشوارع و تعاكسه في الفضاءات العامة. و ليس من محطمي الأفئدة و مشتتي العقول بجمال فريد من نوعه، و ليس ممن قد تكتب فيه قصائد الغزل المتيمة. ليس من كل هؤلاء... لكنه في عيني، أجمل رجل في العالم !

استمعنا إليها في اهتمام و هي تروي قصتها :

(تعرفنا بصفة تقليدية. صديق مشترك توسط في علاقتنا. حين التقيته للمرة الأولى، كنت مترددة. لم أحب يوما ما يسمى بزواج الصالونات أو الوساطات. تمنيت أن ألتقي بزوجي في إطار الدراسة أو العمل. في مكان يمكنني فيه أن أراه كل يوم، و أعاين تصرفاته دون أن أتجسس عليه. حيث يكون على سجيته أكثر منه في اللقاءات الرسمية. لكن بعد عدد من الخيبات، فكرت في تغيير النمط، و قبلت المغامرة.

حين سألتني والدتي بعد اللقاء : كيف تجدينه؟ لم أجد ردا غير كلمة : عادي...

كان انطباعي الأول فاترا. ربما بسبب النظارات التي تخفي عينيه و قسما من وجهه. ربما لأنه بدا خجلا و مرتبكا مما جعلني أشك في ثقته بنفسه. لكن الأرجح هو أنني اعتقدت في تلك اللحظة أنه كان أقل وسامة من بعض من عرفتهم من الشبان في تجارب سابقة... و خاصة أقل وسامة من الصورة التي رسمتها في ذهني للزوج المثالي !

نعم، كنت أحلم كثيرا... بشاب أبيض البشرة، ذي عينين ملونتين... خضراء أو زرقاء، و شعر أسود ناعم... رياضي، ذي عضلات مفتولة و قامة مديدة. فإذا بخاطبي يختلف عن ذلك. قمحي البشرة، أسود العينين. و شعره بعيد عما يسمى بالنعومة. رياضي إلى درجة ما، لكن ليس بصفة تبرز مميزات جسده. لم يكن قصيرا و لا طويلا. لم يكن نحيفا و لا بدينا. لم تكن ملامحه منفرة، لكنني لم أنجذب إليه مباشرة.

لاحقا عاتبتني والدتي بعد أن جاء لزيارتنا رفقة والديه، و قالت : سامحك الله، تقولين عادي؟ مثله يوصف بالوسامة يا ابنتي !

والدتي المسكينة اعتقدت من رد فعلي الأول أن العريس لا بد فيه شيء من القبح، و أنني لم أرد التجريح فيه فوصفته بالعادي. لكنها لم تعلق في حينها. حدثت نفسها بأن الجمال ليس مطلوبا في الرجل، فالرجل برجولته و شخصيته قبل كل شيء. و سرحت أفكارها بعيدا...

بعد ذلك تكررت اللقاءات بيننا. سرى بيننا نوع من الارتياح و القبول، تحول بعد فترة إلى انسجام و إعجاب. و عجبت من نفسي، فقد كنت أراه في كل مرة أجمل من السابق ! يوما بعد يوم، تعمق ذلك الانطباع في نفسي. كان جمال روحه التي بت أعرفها و أألفها قد ألقى ظلاله على ملامحه فصرت أرى أعمق و أبلغ من مجرد خطوط و تضاريس مادية.

لم أعد أقارنه بنجومي المفضلين أو بمن عرفتهم قبله، بل لم أكن أقارنه بأحد. كان هو، و كان يكفيني. أدركت حقا الحكمة من غض البصر ! كيف كان يمكنني أن أقدره حق قدره و أنا أحدق كل يوم في صور الفنانين و الممثلين، و أقارن شكله باستمرار بأشكال أزواج صديقاتي و بنات عمي و جميع نساء العائلة؟ خجلت من أفكاري السطحية التي كانت تقودني إلى تمني الزواج من ابن الجيران، لجمال عينيه أو طول قامته أو سحر ابتسامته... و ما كان أدراني بأخلاقه و معاملاته؟

صرت أراه بعيني قلبي. و لم أعد أنظر إلى غيره من الرجال. لأنني ببساطة وجدت ضالتي. كان حقا أجمل الرجال في عيني. أذكر حين انطلق لساني للمرة الأولى و أنا أغازله بعد أسبوع من زواجنا : ألم يخبرك أحد أنك صرت أجمل بعد الزواج؟

في إحدى زياراتي إلى منزل العائلة، وقعت عيناي صدفة على ابن الجيران الذي كان يوقف سيارته على الرصيف المقابل. توقفت الدنيا فجأة و لبثت أطالعه للحظات في شيء من الدهشة. كيف اعتقدت يوما أن هذا الشخص قد يكون أكثر وسامة من زوجي؟ أشحت بوجهي و ابتسامة سعيدة على شفتي. صدق من قال أن الجمال نسبي...)

انتهت جلستنا، و جاء زوجي ليأخذني إلى البيت. حين جلست إلى جانبه في السيارة، لبثت أتأمل وجهه لبعض الوقت، كأنني أراه للمرة الأولى. ثم ابتسمت. لم أكن بحاجة إلى التعرف على زوجها حتى أقول في نفسي في ثقة قاطعة : ما من شك... زوجي أجمل ! زوجي أجمل رجل في العالم !

قال تعالى : ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون)) النور 30.


9 comments:

  1. joli article :)
    ma chère ;))

    ReplyDelete
  2. Message reçu chérie :hihi: et c'est toujours un plaisir de te lire :)

    ReplyDelete
  3. ça fait plaisir, que le message soit bien reçu :))
    Merci à toutes les deux pour vos encouragements :)

    ReplyDelete
  4. أعجبتني جدآآ خاتمة المقال شــــكرا وبارك الله فيكي وأسعدك وأسعدنا جميعا بأزواجنا

    ReplyDelete
  5. @Anonymous :
    شكرا على المرور :)

    @Hajer :
    اللهم آمين... أسعدنا الله جميعا بأزواجنا و أدخل القناعة و الاطمئنان إلى كل البيوت. السعادة ممكنة للجميع، لو حمد كل واحد الله على ما رزقه، و توقف عن ترصد ما بين يدي غيره :)

    ReplyDelete
  6. je confirme ce que ton amie a dit.
    moi aussi زوجي أجمل رجل في العالم :))

    rabbi yfadhlelna ajwejna w yfadhalna lihom

    ReplyDelete
  7. @khallou :
    الحمد لله :)
    اللهم بارك في بيوت المسلمين و زدهم مودة و رحمة، حتى نسمعها من كل أخت، و من كل أخ أيضا
    اللهم آمين

    ReplyDelete
  8. اميره امام الفقي17 December 2010 at 15:02

    رااااائعه
    اللهم اعنا علي غض البصر اميييييييين

    ReplyDelete